الاثنين، ديسمبر 12، 2011

مأسآة تهجير النوبة



                                                     مأسآة تهجير النوبة
يوم الرحيل :-
فى يوم 18/10/1963 كانت نكسة النوبيين وكانت الهجره المره إلى كوم امبو الجنة الخضراء ( جهنم حمراء ) فكانت اول قرية بدئت بها الهجره قرية دابود ... ... قرية الأوفياء والشرفاء ..
استغرقت عملية النقل من النوبه القديمه إلى نصر النوبه 244 يوماً من 18/10/1963 إلى 22/6/1964
بيان الممتلكات بالنوبه وقيمة التعويضات المستحقه عنها:-
15957 فدان ..... والتعويض عنها 2155720 (جنيه).... الفدان (135) جنيه
1044380 نخله .... والتعويض عنها 1973478 ( جنيه) (189 قرشا للنخله )
1064 ساقيه ( إسكاليه ) ... والتعويض عنها 20920 (19.66 جنيه للساقيه)
35996 مبنى (حوش).......والتعويض عنها 1886700 ( 52.16 جنيه ))
الجمله .................6036818
وكل هذا التوثيق ( من الأستاذ /محمود احمد صالح )رحمه الله
تعريف البوسته:-
هى تعنى الباخره التى نقلت أبناء النوبه أثناء الهجره ..وكانت تسمى فى النوبه القديمه بالبوستة .
وصف يوم الرحيل:-
عندما سمع اهل النوبه الطيبين ... صوت النفير فأذنت ساعة الرحيل
عن ارض الأجداد والأباء . العيون دامعه . والوجوه شاحبه . والأنفاس متقطعه .والنحيب فى كل قريه
والبكاء بين الأرض ... والأبناء .... بين النهر والأبناء ... بين الشوادى ... والسواقى .. والبوادى.. والأبناء
بين الطيور والحيوانات .. والأصدقاء .. بين النخيل والأبناء ....فتغيمت سماء النوبة الصافية وهى تبكى لقلوب النوبه الحانيه الطيبه ..الكل يودع الكل.. والكل حيارى وما هم بحيارى.. من يودع من . ومن يودع من
حكايه الست خديجه ابوراس فى يوم الرحيل :-
فى ذلك اليوم المشئوم تم نقل الحقائب والأبواب والشبابيك والعنجريبات والأبراش والصناديق وبعض الأوانى .. فهناك سيده عظيمة اسمها خديجه والدة الشيخ احمد جعفر والأستاذ/ فتحى جعفر رحمة الله عليهم جميعا فعز عليها الفراق فأصرت على ان تكنس المنزل وان تملآ الزير بالماء وهى تبكى والجميع ينظرون إليها مواسين لها ويقولون لها ... ماذا تفعلى ياا ماه
قالت لهم غداً سوف نعود ... غدا سوف نعود .. فقالوا لها ... ان هذا يا اماه من درب الخيال فأتركى كل شئ ولكنها اصرت وكنست البيت..وملئت الزير بالماء املاً فى العوده ......
.وغرقت النوبه فى صمت لم تصرخ ولم تولول وكأنها اغتيلت فى وضح النهار فالنوبه يا حضرات ترقد فى هدوء تحت الماء صيفاً وشتاء وابناءها هنا
فى موطننا الأن حائرون .... وتائهون.
وماتت خديجه بعد الهجره مباشرة ولم تعش طويلاً ماتت من القهر ومن القهر إنقهرت وابناؤها من حولها حائرون ... وتائهون وهى تقول فى سكرات الموت عائدون ... عائدون
وهناك قصه أخرى..
عم جاشو وداره
عندما قرروا الرحيل ..فنقل عم جاشو عياله واغراضه الى البوسته ثم بعد ذلك رجع الى داره القديمة ليتاكد من عدم بقاء اغراضا له فيها فلما دخل تلك الدار صار ينظر الى جدرانها وسقفها وارضيتها وابوابها فانهمرت عيناه بالدموع ومن شدة ما شعر به من الم وحزن لصق جسده بالجدار وهو يقبل الجدار حتى على بكائه ونحيبه وصار يعتذر ويتأسف ويطلب السماح من الدار ومن هذه الاحجار وكانها تسمع وتبصر وتشعر وعندما سال عما فعل قال اني رايت ان جدران البيت والابواب باكية حزينة لفراقي وهي تودعني بالم وتتأسف لفراقي وكانها تريد ان ترافقني ولكن لاتستطيع ذلك ..فلم استطع عند ذلك الا ان اقابلها بماصدر مني من بكاء ونحيب وهكذا المشاعر رويت لكم هذه الحادثة لكي ابين مدى ما يخلفه الفراق ..والهجره من الم وحزن وهيجان للمشاعر من ترك دارا ..فكيف اذن بمن ترك بيتا وارضا ووطنا وشعبا وقوما واهلا.. وذلك لكونه مضطرا ولم يجد سبيلا الا هذه الهجره التى أتت علينا نحن أبناء النوبه بمفارقة الوطن
واخذ يردد عم جاشو كلمات داخل جوفه.. أحيانا نحن بايديينا نخسر الواقع الجميل الذي كان يملىء علينا قلوبنا...وسنبقى نعيش على الامل الذي يصحبه الالم..أملا لعوده قادمه..فعائدون ..عائدون..
االشعب النوبى بكل اطيافه :-
سيظل هذا الشعب مربوط فى الساقيه .. النوبى طول عمره لا يجد فرصه للتفكير فى اى شئ سوى لقمة عيشه وتربية الأولاد ربما تكون خطة الدوله لهجرتهم الغرض منها إنهاك هذا الشعب
وسجنه فى زنازين الفقر والمرض والجهل والذوبان فى مجتمعات اخرى لينصهروا ويعانوا ما يعانيه الفرد فى المجتمعات الأخرى!!
فالنوبة يا حضرات محاصرة بالفعل بفضل الهجره إقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا فالنوبى يموت كمدا وهو محشور فى بيوت علب السردين وآخرتها أكتئاب مزمن يسكن أرواحنا
ونعتزل العالم بعده .., ونقطن بـ منآزلنا محتفظين ببقايا ذاك الفؤاد المتوجع
كرهت نفسي الاكثر تشائما ..وكرهت أيضا دفعات الأمل التي أعطيها لنفسي كل يوم...أقول غدا سوف يكون مختلفا ..سوف تشرق شمس الأمل بأشعتها الذهبية لتمنحني نورا في حياتي...
لكنني لا أجد الغد مختلفا فهو مثل الأمس إنما يحمل بين طياته المزيد المزيد من الأحزان والهموم ..
ولا تحاول أيها النوبى الجميل ..أن تسجن تلك الدمعة فلربما كانت هي من يسقي جذور وشتلات العوده..ولابد أن نصنع لأنفسنا طاولة حوار,نديرها بلغة العقل المتزن.. وليس بالتزمت المريض السادج المشبع بأضغان وأحقاد أكل عليها الدهر والزمان..ولما لانستوعب الجميع ..نفهم مايريد هذا ومايريد ذاك ..ولما لغة الرفض التي لانعرف سواها؟؟
• فلقد نزفنا كثيرا وسننزف اذا لم ننقذ أنفسنا من براثن الدونية والانانيه والانويه التي نعيشها,بين أنفسنا.. وبين من حولنا..واذا فشلتم ياقيادات النوبه في الوصول إلى الحل ولم الشمل يوماً .. فلا تغيروا سلالمكم ولا أقدامكم .. ولكن غيروا نياتكم.. ,من وجهة نظري يوجد نظرية المؤامره والتخوين وأزمة الثقه فيما بيننا والسبب يعود لكثرة القيادات (ظباط بدون عساكر )بالمجتمع ولعدم وجود قائد يعود اليه كل تلك القيادات والتشاور معه وأخذ برأيه السديد. كم أتمنى أن أرى تلك القيادات تجتمع بالفعل وتتشاور فيما بينهم وتكون اللجان لجميع الامور..فلا ينقصنا من المفكرين والسياسيين والكتاب فمجتمعنا ملىء بأصحاب الفكر
 السليم وأن تكون الهويه والانتماء للنوبه هي المظله للجميع..
وهي الداعمه.. فالقيادات الحقيقيه دائما من صنع المجتمع ..أما قياداتنا الحاليه من صنع الفضائيات ومصر اليوم واليوم السابع..فالقيادات المؤهلة موجودة لكنها قابعة في الظل..
• أيها النوبى الجميل:- فهذا هو قدرنا ان نكون وطناً لحزن لا مكان له سوى صدورنا...
وأنا وانت سنبقي مقيدين,بسلاسل الاسى والذكريات..محاصرين بالاهات وانات الحنين والبعد..ولن تكتمل حكايتنا يوماولن تتكلل اشواقنا بالعوده..,,وستبقى مشاعرنا مدفونه بين مهجرنا الان والعوده الى نوبتنا القديمه.. نصارع الظلام للبقاء..وأصبح النوبى مثل مالك الحزين هذا الطائر العجيب الذى يغنى أجمل الحانه وهو ينزف..وكما قالت جدتنا خديجه رحمة الله عليها.عائدون..عائدون..عائدون.
الشاعر النوبي يحي جوفاني .......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نشكركم علي تفاعلكم معنا

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.